قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آَمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ
سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ}
أولاً: أُسُسُ النَّجاح مع الله
إنَّ
النجاحَ مع الله - عز وجل - هو الغاية العُظمى التي يسعى إليها كُلُّ مؤمن، وهذه
الغايةُ لا تتأتَّى إلا من خلال الوَحي المتمثِّل في:
1- كتاب
الله تعالى: }إِنَّ
هَذَا الْقُرْآَنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ{[الإسراء: 9].
2-
سُنَّة رسوله r : }وَمَا
يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى{[النجم:3، 4].
وطريق
النَّجاح مع الله - عز وجل - لا يكون إلا بطاعته – سبحانه - فيما أمر، وترك ما نهى
عنه وزجر، وخشيته وتقواه في السِّرِّ والعَلَن؛ قال الله تعالى: }وَمَنْ يُطِعِ
اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ{ [النور: 52]، وهذه هي الغاية
من الوجود : }أَفَحَسِبْتُمْ
أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ{ [المؤمنون: 115]، }وَمَا خَلَقْتُ
الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ{ [الذاريات: 56]، ويستمر الإنسان في ذلك حتى الموت: }وَاعْبُدْ رَبَّكَ
حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ{ [الحجر: 99].
ولكن هذا
الطريقَ الذي هو طريقُ العبادة، والنَّجاح مع الله - عز وجل - لابدَّ أن يكون
مبنيًّا على أسس حتى تؤتي ثماره ويكون فعَّالاً، وهذه الأسس يمكن إجمالها فيما
يلي:
1- إخلاص
ومتابَعة: فأيُّ عبادة لا تصحُّ إذا فقدت هذين الشَّرطين أو فقدت أحدهما.
2- عبادة
لا عادة: فالعبادةُ إذا تحوَّلَت إلى عادة فَقَدَتْ خصوصيتَها وأصبحت كأيِّ شيء
قابل للتَّغيير؛ فلابدَّ إذن من استشعار معنى العبادة.
3-
شمولية لا تخصيص: فينبغي أن يتَّسعَ معنى العبادة ليشمل كلَّ ما يحبُّه الله تعالى
من الأقوال والأفعال الظاهرة والباطنة؛ تحقيقًا لقوله تعالى: }قُلْ إِنَّ صَلَاتِي
وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ{[الأنعام:162].
4-
الأهمُّ فالأهمُّ: فالفرائض مقدَّمةٌ على النَّوافل، وأركان الإسلام مقدَّمةٌ على
غيرها من الفرائض، وفرض العين مقدَّمٌ على فرض الكفاية، ودرء المفاسد مقدَّمٌ على
جلب المصالح.
5- علم
لا جهل: فمَن عَبَدَ اللهَ على جهل فكأنَّما عصاه؛ }يَرْفَعِ
اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ{[المجادلة:11].
6-توكُّل
لا تواكل: وهذا يَقْتَضي فعلَ الأسباب؛ ولكن لا يركن إليها ولا يتوكَّل عليها؛ بل
يفعل الأسباب ويتوكَّل على الله - عز وجل - في حصول النَّتائج.
7-إحسان
لا إساءة: وذلك بالاهتمام بالعبادة وإيقاعها على أكمل الوجوه المشروعة.
8- دقَّة توقيت لا تأخير
وتفويت : }إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ
عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا{[النساء:103]، }وَآَتُوا حَقَّهُ يَوْمَ
حَصَادِهِ{ [الأنعام:141].
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire